الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • النظام وداعش في شمال وشرق سوريا.. "عدو عدوي صديقي"

  • النظام أمل في استغلال أحداث "سجن الصناعة"، في سبيل دفع "الإدارة الذاتية" على الاستنجاد به، عندما تقع بين فكي كماشة أنقرة وداعش
النظام وداعش في شمال وشرق سوريا..
النظام وداعش \ ليفانت نيوز

في العشرين من يناير الماضي، شنت خلايا تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، هجوماً واسعاً وعنيفاً على "سجن الصناعة" في حي الغويران بمحافظة الحسكة، الواقعة شمال شرق سوريا، ضمن محاولة من التنظيم لإعادة تعويم نفسه أولاً، والسعي لنسف مشروع "الإدارة الذاتية"، التي تتولى إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

اقرأ أيضاً: تقرير: موسكو أخفت كميات من مخزونها الكيماوي في سوريا

لكن أهداف التنظيم تلك، تتقاطع في عدد منها، مع أهداف أطراف محلية سورية كالنظام القابع في دمشق، وإقليمية كتركيا، إضافة للمعارضة السورية الدائرة في الفلك التركي.. وعليه صدرت خلال تلك الأحداث الدامية، التي فقد فيها العشرات من مقاتلي قسد حياتهم، مقابل مقتل مئات الإرهابيين من داعش، شهدت ردات فعل لم تكن مستغربة من النظام المتسلط على رقاب السوريين.

النظام والصيد في الماء العكر

إذ حاول النظام السوري استغلال الهجوم الداعشي على مناطق قسد، بغية النيل من الأخيرة، والطعن في مشروعها، والترويج لشائعات كان هدفها خلق حرب أهلية في المنطقة، رغم أن المنظفة بقيت عصية عليها، وحافظت على السلم الأهلي بين مكوناتها، على مدار عقد من الحرب الأهلية في سوريا، مع العلم بانها الأغنى تنوعاً اثنياً ودينياً وطائفياً.

فقد أدان النظام السوري ما أسمها بـ"الأعمال التي أدت إلى نزوح الآلاف في محافظة الحسكة"، ضمن مساعيه لتأليب المكون العربي على المكون الكردي، والتلميح إلى أنها محاولة لتهجير سكان المنطقة، قائلاً إن ما تقترفه القوات الأمريكية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفق بيان صدر عن وزارة خارجيته.

اقرأ أيضاً: "أطباء بلا حدود" تحذّر: وضع النساء "مقلق" في سوريا

وطالب النظام المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وجميع المنظمات الإنسانية الأخرى، "بتقديم كل أشكال الإغاثة الطارئة لدعم آلاف الأسر السورية التي تم إجبارها على النزوح من أماكن سكنها إلى العراء في هذه الظروف الجوية القاسية"، كما طالب مجلس الأمن "بالتصدي لمسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين الأبرياء في الشمال والشمال الشرقي من سوريا، والمساعدة على مواجهة هذه الكارثة الإنسانية الجديدة قبل تفاقمها وتفجرها".

فيما اتهم مصعب الحلبي، النائب في برلمان النظام السوري، الاستخبارات الأمريكية بالوقوف وراء الهجوم الذي شنه تنظيم "داعش" على سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، في تصريحات أدلى بها لـ "راديو سبوتنيك"، زاعماً أنه بغرض تبرير بقاء القوات الأمريكية في المنطقة، بذريعة أن "تنظيم داعش الإرهابي ما زال فاعلاً وقائماً وأن المنطقة ما زالت ملتهبة"، رغم أن جنود النظام أنفسهم يتعرضون بين الفينة والأخرى، لكمائن التنظيم في البادية السورية، ما يودي في كل مرة بحياة العديد منهم.

الإدارة الذاتية تعترض على تصريحات النظام

تصريحات النظام استفزت "الإدارة الذاتية" التي ردت عبر "دائرة العلاقات الخارجية"، في الثالث والعشرين من يناير، عليها، مؤكدةً إنها تطاول "ينم عن الشوفينية واللاعقلانية"، وأضافت الدائرة في بيان: "ذات المنطقة- غويران، هرب منها النظام وجيشه أمام 100 إرهابي عام 2015، وحررتها وحدات حماية الشعب والمرأة آنذاك".

كما اتهمت خارجية "الإدارة الذاتية"، النظام السوري بأنه يفضل داعش عليهم، فقالت: "لكن يبدو تفضيل داعش كسبيل لتبرير فشل النظام في الحوار مع الإدارة الذاتية، ونجاحه في الهيمنة على المنطقة، هو أكثر قبولاً اليوم لديه من أي كلام إيجابي عن الجهود والمقاومة التي تظهر في الحسكة".

​​​​​​​اقرأ أيضاً: ألمانيا تعيد 10 نساء "داعشيات" و27 طفلاً من مخيم "روج" في سوريا

وتوجهت للنظام بالقول: "نذّكر بأن داعش احتل مساحات واسعة من سوريا، وما كان ليتقلص وينتهي عسكرياً لولا مقاومة شعبنا وتضحياته"، معتبرةً تصريحات النظام بأنها "شحن معنوي كبير لداعش، وللاحتلال التركي الذي يدعم بشكل مباشر عملية الإرهابيين في سجن الغويران".

النظام يمهد طريق داعش بالرقة

لكم لا يبدو أن الأمر كان مقتصراً على "الشحن المعنوي" الذي تحدثت عنه خارجية "الإدارة الذاتية"، بل ربما تضمن تعاوناً عسكرياً بين النظام وتنظيم داعش لاستهداف قسد، إذ نوهت "قوات سوريا الديمقراطية" في الخامس والعشرين من يناير، إلى تقارير تحدثت عن إخلاء النظام السوري، لمواقع تنتشر فيها قواته جنوب الرقة، واصفاً إياها بـالـ"خطيرة"، خاصة أن ذلك الانسحاب "المفترض"، قد تزامن مع هجوم "داعش" على الحسكة.

وذكر وقتها، المركز الإعلامي لـ "قسد" ضمن بيان، إن "التقارير التي تتحدث عن إخلاء النظام لعدد من المواقع في مناطق سيطرته بمدينة الرصافة 40 كم جنوب الرقة، وتركها لعناصر داعش خطيرة، بالتزامن مع الهجوم على سجن الصناعة بالحسكة"، فيما أثار مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي، الشكوك حول أسباب الإخلاء، وقال إن "قسد" اتخذت "إجراءات احترازية لمنع داعش من الاستفادة من عمليات الإخلاء تلك، وتشكيل خطورة على محيط الرقة".

​​​​​​​اقرأ أيضاً: منصة المهاجرون الآن: السوريات يتعرضن لاستغلال ضمنه "الجنسي" بتركيا

ووفقاً لتحليل تلك التقارير، فإن النظام لم يكن ليتوانى عن الانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها، والتي تفصل بين مناطق ينشط فيها إرهابيو داعش في البادية السورية، ومناطق سيطرة قسد، جنوب الرقة، بهدف تشتيت قدرات قسد العسكرية ما بين الحسكة والرقة، وخلط الأوراق العسكرية في المنطقة، خاصة أن أنقرة بدورها كانت تواصل عمليات القصف على مناطق عدة شمال شرق سوريا، ما كان قد يؤدي إلى إرباك كبير في صفوف قسد، لو نجح المخطط عبر تشتيت دفاعات قسد بين الحدود السورية التركية، وداخل الحسكة، إضافة إلى جنوب الرقة.

ولربما كانت دمشق تأمل باستغلال ذلك التشتت والارتباك، في سبيل دفع "الإدارة الذاتية" على الاستنجاد بها، عندما تقع بين فكي كماشة أنقرة وداعش، وهو ما لم يتحقق عقب تمكن "قسد" من إخماد التمرد الداعشي خلال عدة أيام.

النظام يتخاذل عن مهامه

وهو ما أشار إليه ياسر السليمان، نائب الرئاسة المشتركة للمجلس العام في المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، في الثلاثين من يناير، عندما قال في تصريحات صحفية: "تناسى النظام ممارساته بحق الشعب السوري وتركه له، وأفسح المجال أمام دخول التنظيمات الإرهابية إلى شمال وشرق سوريا، وأكبر دليل على ذلك إخلاء النظام السوري مؤخراً لنقاط تمركزه في البادية السورية، كي يشتت مقاومة قوات سوريا الديمقراطية، سيما أن النظام وصف ما يجري في الحسكة بجريمة حرب".

​​​​​​​اقرأ أيضاً:النظام الصحي في سوريا.. 11 عاماً من الاستهداف الممنهج

ودعا المسؤول في "الإدارة الذاتية"، النظام السوري بما أنه "الحكومة المعترف بها دولياً"، للمطالبة في المحافل الدولية، بسحب الدواعش الأجانب ومحاكمتهم في دولهم، موضحاً: "لكنها حرصت على وجودهم واستثمارهم للضغط على الإدارة الذاتية من أجل تقديم تنازلات لصالحها".

وهو ما يعني بأن النظام السوري يملك القدرة على مطالبة الدولة الأجنبية بسحب الآلاف من رعاياهم الإرهابيين المسجونين في شمال وشرق سوريا، لكنه يتخاذل عن القيام بذلك متعمداً، ما دام هو نفسه غير متكفل بعملية إيوائهم، وما دام يعتقد بانه قد يتمكن يوماً ما من استغلال هؤلاء الألوف المؤلفة من إرهابيي داعش، في ضرب "قسد" و"الإدارة الذاتية".

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!